الولايات المتحدة الأمريكية: الرق والتمييز العنصري، والدكتور مارتن لوثر كينغ

اليوم الاثنين 19 يناير هو يوم عطلة وطنية في بلدي للاعتراف بإسهامات الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور من أجل جعل مجتمعنا أكثر عدلا وأكثر توحدا. لقد كان الدكتور كينغ أبرز زعيم لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة في الغترة ما بين منتصف 1950 إلى حين اغتياله في عام 1968. وانصبت حياته المهنية على إنهاء بقايا العبودية في اثني عشر ولاية من بين الخمسين الموجودة في الولايات المتحدة.  و كانت تنص القوانين في هذه الولايات على فصل صارم بين السكان السود والبيض وحرمانهم من المزيد من الفرص والعدالة. و كذلك الحال في العديد من الولايات الاخرى حيث حل الموقع الاجتماعي، محل القانون، ونتج عن ذلك إنكار المساواة في الحقوق بين المواطنين.

لقد وصل الأفارقة إلى أمريكا الشمالية البريطانية في أوائل القرن17 بموجب عقود العمل لفترة محددة، تنص على أنهم سيصبحون أحرارا بعد انقضاء فترة عقودهم. لكن الامر تغير عند منتصف القرن مع حلول نظام للعبودية مدى الحياة انتقل لاحقا إلى اطفال العبيد. تم حظر العبودية في الولايات المتحدة بعد قرنين من الزمن بعد أن اشتعال حرب أهلية دامية أدت إلى تقسيم البلاد إلى جزئين. لكن بينما حصل العبيد على حريتهم عقب الحرب الاهلية على الاقل من الناحية القانونية، تواصلت المخلفات المأساوية للعبودية من تمييز في الممارسات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية و في قمع العبيد المحررين و ابنائهم بدرجات متفاوتة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك إقصاؤهم من ممارسة الزراعة و في كثير من الأحيان منعهم من الحصول على حصتهم من استغلال المزارع.

كان أسلوب الدكتور كينغ لجلب الحرية والمساواة أمام القانون لهذه الأقلية المضطهدة، هو العصيان المدني غير العنيف ضد القوانين الجائرة، مثل القوانين التي تمنع المواطنين السود من استخدام بعض المرافق العمومية. فعندما رفضت السلطات السماح بمسيرات احتجاجية، رفض الانصياع لذلك. كان من بين الاحتجاجات التي نظمها سلسلة من ثلاث مسيرات انطلقت من “سالما” إلى “مونتجومري” في ولاية ألاباما سنة 1965 لتشجيع السكان السود على تسجيل ناخبيهم على اللوائح . وأسفرت هذه المسيرات عن اعتقالات جماعية وعن قمع عنيف مارسنه الشرطة ضد المتظاهرين. و قد حظيت هذه الاحداث بتغطية إعلامية كبيرة في جميع أنحاء العالم كما مكنت الدكتور كينغ من كسب المزيد من المناصرين.

و قد أصر الدكتور كينغ بشكل دائم على منع مناصريه من القيام بأية ردة فعل عنيفة على العنف الذي يمارس ضدهم. و كرجل سياسي، أكد على حق التصويت كوسيلة لتحقيق التقدم الاجتماعي من خلال الوسائل السلمية. و كثيرا ما اعترف علنا بأنه كان عرضة لمحاولات للاغتيال، و كانت أخرها تلك التي أودت بحياته.

وهذه أمثلة مختارة من كتابات وخطب الدكتور كينغ:

  •  إذا كانت أميركا تريد أن تظل أمة من الدرجة الأولى، فإنه لا يمكن أن يكون فيها مواطنون من الدرجة الثانية.
  •  لدي حلم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوما ما في أمة لن تحكم عليها من خلال لون بشرتهم بل من خلال شخصياتهم.
  •  في نهاية المطاف الزعيم الحقيقي ليس هو ذاك الذي يبحث عن الإجماع، بل إنه ذلك الذي يبحث أولا عن صيغة لتقريب الآراء.
  •  الظلم في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان.
  • •لا تستهدف المقاومة السلمية الظالمين، ولكنها تستهدف الظلم.
  • نحن نعلم من خلال التجربة المؤلمة أن الظالم لن يعطي الحرية طواعية. لكنها يجب أن تكون مطلبا للمظلومين.
  •  يجب علينا أن نتحلى في نضالنا بمستوى عالي من الكرامة والانضباط.
  •  في عملية سعينا للحصول على مكانتنا الصحيحة يجب أن لا نرتكب أفعالا غير مشروعة. كما أن دعوتنا للمزيد من الحرية لا تسعى إلى الشرب من كأس المرارة والكراهية.
  • ممارسة العنف كوسيلة لتحقيق العدالة بين الناس تصرف غير عملي وغير أخلاقي. لأن هذه الممارسة تخلق دوامة لا تنتهي إلا بتدمير الجميع. فالقانون القديم الذي يقضي بأن العين بالعين يترك الجميع أعمى. فهو غير أخلاقي لأنه يسعى إلى إذلال الخصم بدلا من الفوز بتفهمه. انه يسعى إلى القضاء على الخصم بدل تغيير موقفه. إن العنف غير أخلاقي لأنه يتغذى على الكراهية بدل الحب. إنه يدمر المجتمع ويجعل الأخوة مستحيلة فيما بعد. كما أنه يترك المجتمع في مونولوج بدلا من الحوار. العنف ينتهي بفوزه على نفسها. أنه يخلق مرارة عند الناجين ووحشية عند الضحايا.

عمل الدكتور كينغ مع ثلاثة رؤساء (ايزنهاور، كيندي وجونسون) و قد تعاونوا معه بشكل متفاوت. و استطاع هو و زملائه من قادة الحقوق المدنية إحراز تقدم كبير في تفكيك الهياكل القانونية للتمييز العنصري من خلال التشريعات والأحكام القضائية، التي نفذها الجيش الأمريكي والشرطة الوطنية. كما نجحوا في تغيير القيم الاجتماعية، والحصول على قبول واسع النطاق لفكرة تعزيز أمتنا الامريكية من خلال الاعتراف بقيمنا المشتركة وتطبيقها انطلاقا من تنوعنا الثقافي والعرقي والعنصري.

بالرغم من أن انماطا خطيرة من التفاوت الطبقي والظلم مازالت موجودة في المجتمع الأمريكي إلى اليوم، فإن المثل العليا للدكتور كنغ وفلسفته لا تزال لها أهمية وتأثير إيجابيين بالنسبة لنا. فخلال المظاهرات العنيفة التي نظمت مؤخرا في الولايات المتحدة ضد تحيز الشرطة و استخدامها المفرط للقوة، جرت مظاهرات مضادة تدعو إلى التمسك بالاحتجاج السلمي وزيادة تسجيل الناخبين الأميركيين الأفارقة على اللوائح الانتخابية. و تعتبر هذه شهادة حقيقية تحسب للدكتور كينغ.