نص الخطاب:

- أيها السيدات والسادة، إنه لمن دواعي سروري أن أعود مجددا الى نواكشوط. يشرفني أن أمثل الولايات المتحدة في هذا الحدث الهام مع نائب مساعد الوزير الأمريكي لشؤون الامن القومي السيد رونالد كلارك. حكومة وشعب موريتانيا أثبتا القدرة و الحيوية على إنجاح انعقاد هذا المؤتمر بغرض تبادل الخبرات حول أفضل الطرق لتعزيز التنمية السلمية في المنطقة والتحصن ضد التطرف العنيف.
القضايا التي سنتطرق لها خلال اليومين القادمين تتعلق بدول هذه المنطقة، وبلدي. لقد تم تجنيد المتطرفين من الرجال و النساء من الولايات المتحدة و من غرب وشمال أفريقيا من أجل ارتكاب الفظائع ضد مواطنيهم.
نجتمع هنا اليوم من أجل تحديد واتخاذ أفضل السبل لوقف هذه الانشطة، ومن ثم تحسين الدفاع عن مواطنينا. و في هذا الإطار نستفيد جميعا من التجربة الموريتانية.
- موريتانيا وجيرانها يواجهون تحديات أمنية صعبة وعلى عدة جبهات. و يتعين على قوات الامن حماية الشعب و الولايات المتحدة الامريكية ستواصل دعم هذه الجهود. لقد أصبحنا أكثر معرفة بدور الأمن الوطني و تطبيق القانون في مواجهة أعنف أشكال هذه التحديات. إن الولايات المتحدة ستواصل دعم جهود شركائنا في المنطقة في هذا المجال. ومع ذلك، أعتقد أن الجميع في هذه الغرفة يدركون أن الإرهابيين لن يهزموا بقوة السلاح وحدها.
حيث تعتبر قواتنا المسلحة والمخابرات وتنفيذ القانون أدوات حيوية من أـجل الدفاع عن النفس ضد ويلات التطرف العنيف في شتى مظاهره الجديدة. ووحدها وضع استراتيجية شاملة ، بالإضافة الى تعبئة مجموعة واسعة من الشركاء ، يمكنها أن تشكل علاجا لأسباب التطرف المتعدد.
- نحن نواجه أعداء متخصصون في استغلال الكراهية والقطيعة والحرمان الاقتصادي، والجهل لأهدافهم الخاصة. إن هؤلاء الأعداء منظمون تنظيما جيدا، و يجيدون التكيف، و غالبا ما يستخدمون تكتيكات و رسائل متطورة من أجل التأثير على السكان. و هذا هو السبب في أننا يجب أن نتحد وأن نقف معا من اجل دعم بعضنا البعض من خلال تعزيز جهودنا الجماعية للقضاء على جذور التطرف العنيف في المنطقة وحماية الجيل القادم من التهديد المتنامي للمتطرفين.
- وهذا كذلك هو السبب الذى جعل الرئيس أوباما يعقد قمة حول الموضوع في البيت الأبيض في شهر فبراير الماضي. وكما يعلم العديد منكم أن الاجتماع ضم اكثر من 300 مشاركا من الحكومات الوطنية والمحلية، والمجتمع المدني والهيئات المتعددة الاطراف على الصعيد العالمي، و الجماعات الدينية. وكانت هذه القمة نوعا جديدا ومختلفا عن الحوار العالمي حول الإرهاب لأنها شددت على الحاجة الى (1) العمل الوقائي في التعامل مع أسباب التطرف العنيف، (2) أن يدمج المجتمع المدني في هذا العمل، (3) تعزيز دور الحكم الرشيد من أجل حماية تشمل جميع المواطنين (4) تحقيق اقصى قدر من التأثير من خلال الجمع بين المقاربات الوطنية والمحلية، والحكومية وغير الحكومية.
- الرسالة الاهم من تلك القمة كانت: أنه يجب علينا استخدام المواهب والابداع وجهود جميع المواطنين من أجل تعزيز التسامح واحباط الجهود الرامية الى التطرف الموجهة إلى الفئات الضعيفة من السكان. وفي فبراير أشار وزير الخارجية جون كيري إلى أنه سيكون بالإمكان القيام بكثير من العمل في المستقبل القريب “بهدوء دون ضجيج ، في الفصول الدراسية أو في المراكز المجتمعية او في أماكن العمل، او في دور العبادة، او في زوايا الشوارع الحضرية، اوفي الاسواق المدن”.
- خلال قمة فبراير في البيت الأبيض حول مواجهة التطرف العنيف، أثار الرئيس أوباما عدة قضايا ذات صلة بالمواضيع التي سيتم نقاشها خلال هذا الاسبوع:
– الأولى هي الحاجة إلى مواجهة الإيديولوجيات المتخلفة التي يتبناها الارهابيون
- الجماعات المتطرفة العنيفة أساءت استخدام الإسلام لتبرير الفظائع المخيفة، بما فيها الاغتصاب الجماعي والعبودية الجنسية. ولا سيما انهم يسيئون استخدام الاسلام. و مع ذلك، فإننا نعلم أن في أفريقيا، و هنا في موريتانيا علماء وشخصيات دينية محترمة لها القدرة على التصدي لهذه إساءة.
وعلى سبيل المثال موريتانيا مركز للتعليم الإسلامي و علمائها مجهزون للرد على الاعتداءات على ممارسة الإسلام و قادرون على تتبنى رسائل السلام.
– موضوع آخر أثاره الرئيس أوباما بشأن ضرورة معالجة الفقر ونقص الفرص الاقتصادية، ولا سيما بين اوساط الشباب
- حذر الرئيس بصفة خاصة من ضعف الناس الذين حوصروا تماما في المجتمعات المحلية الفقيرة، حيث لا يوجد أي سبيل لتحسن الاوضاع، ولا توجد فرص للتعليم، ولا توجد وسائل لدعم الأسرة ، ولا سبيل للهروب من الظلم والاذلال ومن الفساد الذي يغذي عدم الاستقرار والاضطراب ،مما يجعل هذه المجتمعات فريسة للتجنيد من قبل المتطرفين.
و يحزنني، بوجه الخصوص أن عددا كبيرا من مخيمات اللاجئين والمشردين في المنطقة تعرف فقرا شديدا. وإن عددا من دول الساحل تواجه تحدى التعامل مع إدارة مخيمات اللاجئين والمشردين. إن سنوات من دون حل المنازعات في البلدان المجاورة تفقد اللاجئين الأمل و تجعلهم أكثر عرضة للتجنيد و التطرف و العنف و الاستغلال من قبل الجماعات المتطرفة. يجب علينا معالجة هذه الوضعية خشية ان يصبح سكان هذه المخيمات محاضن للتطرف العنيف.
-الموضوع الثالث و المهم بالنسبة للرئيس أوباما هو انتشار المظالم السياسية من دون حل و التي يستغلها الارهابيون.
مرة أخرى, في الوقت الذى يمكن أن تتخذ المظالم السياسية أشكالا عديدة, يسعى المتطرفون الى اكتتاب الافراد والجماعات الذين يشعرون بالمرارة وعدم المساءلة الحكومية، وإنكار حقوق الانسان الاساسية، والافتقار إلى فرص المشاركة السياسية أو الاجتماعية. و تعزيز الحكم الرشيد، وحماية حقوق الاقليات ليست حقوقا فقط بل هي ضرورات أمنية.
• وفى هذا الإطار، وصف الرئيس أوباما بعض العوامل الضاغطة التي تجعل الناس أكثر ضعفا أمام راديكالية ممتهني التطرف العنيف الذين يستخدمون الرسائل والإيديولوجيات من اجل استمالة الافراد والجماعات.
• إن كل هذه العوامل من شد وجذب تحتاج مقاربة “مجتمعية”. وإن برنامج تشجيع ثقافة السلم والاعتدال في مواجهة التطرف العنيف يعتبر في الأساس: عملا بناء و إيجابيا يهدف الى تحقيق احتياجات الانسان المادية و تمكين المجتمعات المحلية جسديا ونفسيا وفكريا من القدرة على مقاومة المغالطات والتشويهات التي يقوم بها المتطرفون.
• ان قمة البيت الابيض حول تشجيع ثقافة السلم والاعتدال في مواجهة التطرف العنيف أكدت على بعض المواضيع التي لا تزال عالية الأهمية ونحن نمضي اليها قدما:
أولا، أهمية تحديد دوافع التطرف العنيف، وبالخصوص أهمية العوامل المحلية، وأهمية خلق شبكات حكومية وغير حكومية للتصدي للتطرف العنيف. خلال العام الماضي، تمت بلورة سلسلة من المبادرات والمؤتمرات، وخطط العمل لتعزيز عمليات التعلم هذه و الشبكات الحيوية المحلية والإقليمية والعالمية.
و من اجل تعزيز الجهود في هذا المجال ، سنرعى مؤتمرا دوليا حول تشجيع ثقافة السلم والاعتدال في مواجهة التطرف العنيف من أجل البحت و ذلك في شهر سبتمبر في نيويورك، و سيبلغ ذروته في اطلاق شبكة عالمية من الباحثين المحليين حول السلوك المجتمعي بالتركيز على تحليل أسباب التطرف العنيف وتيسير تصميمه وتمويله ونشر نتائج البحث. و أود تشجيع المشاركين في هذا المؤتمر على المساهمة في دعم البحوث المماثلة من اجل تحسين تحديد الدوافع الرئيسية للتطرف العنيف في أفريقيا، واستيضاح الجهود الواعدة لمعالجة ذلك.
– ثانيا، قيمة تمكين طائفة واسعة من الشركاء في مكافحة التطرف العنيف، مع التركيز بوجه خاص على الشباب، والزعماء الدينيين، المرأة، وضحايا التطرف العنيف. تعتبر الجماعات المحلية هي الأفضل لقيادة جهود مكافحة التطرف العنيف لأنها في الكثير من الاحيان تحظى بمعرفة ومصداقية أكبر في معالجة الاسباب الكامنة وراء التطرف.
– أؤكد أيضا على أهمية إشراك المرأة والفتاة، كعناصر هامة للتغيير، كما انها على خط المواجهة مع الخطر. و الجماعات المتطرفة العنيفة تفهم دور المرأة الحاسم في تربية أطفالهما، و تمرير القيم داخل المجتمعات، ولذلك ويتزايد استهداف النساء والفتيات. و يجب علينا أن نكون استباقين في إشراك المرأة في ردنا على التطرف، بوصفها من العناصر الفاعلة داخل الحكومات، والمجتمع المدني.
– ثالثا، يجب علينا تعزيز حماية حقوق الانسان لبعض أعضاء مجتمعاتنا. عندما تشعر كل الطوائف بالحماية واحترام القانون، يتعذر على المتطرفين استغلال مشاعر التهميش. يمكننا تجنب هذا الشرك بالعمل الآن على بناء الثقة والاحترام المتبادلين بين الشرطة وقوات الأمن في المجتمعات المحلية المعرضة للخطر، وتحسين وسائل المساءلة القانونية واحترام حقوق الانسان في هذه القوات. أعضاء قوات الامن يجب أن يستفيدوا من التكوين و التدريب، و حسن القيادة. أن الحكومة و تطبيق القانون يمكن أن يشكلا برهانا على التزامهم ازاء المجتمعات المحلية التي يهدفون إلى خدمتها و المساعدة على تهدئة التوترات التي ينتهز المتطرفون استغلال فرصها.
– ورابعا، لمواجهة هذا الفكر الشاذ، يجب دعم الأصوات الأصيلة في المجتمعات المعرضة للخطر. وهذا يعني تمكين وسائل الاعلام الاجتماعية التقليدية من التشكيك في رسائل المتطرفين من طرف اصوات ذات مصداقية و تمكين الحصول على بدائل إيجابية.
• بعد قمة البيت الأبيض حول مواجهة التطرف العنيف التي انعدت في فبراير، تتالت اجتماعات القمم الإقليمية من اجل اعطاء الحكومات الوطنية، والعلماء وممثلي الحكومة المحلية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية فرصة لتبادل الأفكار وتطوير استراتيجيات وخطط العمل المناسب لظروف مناطقهم.
• و علاوة على تنظيم الحكومة الموريتانية لهذه القمة . نظمت وزارة الشباب و الرياضة الموريتانية خلال الشهر الماضي مؤتمرا إقليميا ، حيث خصص يوم كاملا لتشجيع الشباب على خلق شبكة اقليمية، من اجل دعم التمية المستدامة و تحصين الشباب ضد العنف والتطرف المدمرتين. وهذا يعتبر مثالا ممتازا على إمكانية ان تصدر عن القمة نتائج قابلة للتنفيذ.
• في سبتمبر، ستنعقد قمة عالمية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لاستعراض التقدم المحرز خلال السنوات الماضية وتحديد الطريق إلى التقدم. ونأمل أن المناقشات خلال اليومين القادمين ستضيف افكار جديدة و مفيدة لقمة سبتمبر.
• مرة أخرى، نقدر قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز و جهود حكومته في مجال تشجيع روح الاعتدال في مواجهة التطرف العنيف من أجل بناء سلام دائم. و نحن ندرك أن من ضمن الحضور: فاعلون و مؤثرون مهمون من الحكومات الأخرى و المجتمع المدني.
أشكركم على حسن إصغائكم ، وإنني أتطلع إلى مجريات مناقشات اليوم.