الخطاب كما تم تحضيره:
• تحياتي صاحب الفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني
والسادة الوزراء المحترمين
والسادة الضيوف الكرام
والشباب الذين نستلهم منهم،
• بداية يطيب لي أن أتوجه إليكم صاحب الفخامة بجزيل الشكر على تنظيم هذا المؤتمر والشكر موصول كذلك لمعالي الوزير إسماعيل ولد الشيخ احمد على هذه الدعوة الكريمة. وأنا أيضا ممتن لمنتدى أبو ظبي للسلام الذي يلتئم فيه هذا الجمع الموقر من أجل “بذل السلام للعالم”.
• سأكون ممتنا دائمًا لشراكة الشيخ عبد الله بن بيه، الذي يمتد تأثيره الإيجابي في بناء السلام الى جميع أنحاء العالم. إن السلام عنده هو “دعوة للحياة وليس للموت” كما قال ذات مرة.
• إنه لمن المهم جدا أن نلتقي في إفريقيا – القارة التي تزخر بالتنوع الجم وبالتقاليد الثقافية الغنية والتسامح الديني الراسخ والاندماج. لقد واجهنا معا تحديات جمة كجائحة كورونا وأزمة المناخ والتطرف العنيف والاستبداد المتزايد وغيرها من التحديات التي تجعل من الضروري أكثر من أي وقت مضى إسماع أصوات المجتمع المدني سبيلا إلى خلق حوار أعمق بين المتدينين وغير المتدينين من جهة وبين أصحاب السلطة والمهمشين من جهة أخرى. ونحن متحدون كبشر في هذه اللحظة الصعبة.
• ولدي ذكريات جميلة من زياراتي السابقة إلى موريتانيا. لقد تشرفت بالمشاركة في الاجتماع الأول في نواكشوط عام 2012 والذي قاد إلى إنشاء إعلان مراكش بشأن حقوق الأقليات الدينية في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة. ويمكن القول أن الطريق إلى مراكش بدأ في نواكشوط. وانضم إلينا العديد منكم يوم 27 كانون الثاني (يناير) 2016 “لتأكيد على أنه من غير المعقول توظيف الدين لغرض الاعتداء على حقوق الأقليات الدينية في البلدان الإسلامية”.
• ولا يخفى على الجميع أنه على مر التاريخ الإنساني ساد تيار فاعل دعا إلى الاحترام المتبادل والتسامح تجاه التنوع في جميع المجتمعات المسلمة. حيث ازدهرت مجتمعات مسلمة عندما تبنت هذه القيم مثل الأندلس المسلمة وإسطنبول العثمانية. إن صيانة حقوق البشر في تسيير حياتهم وفقا لما تمليه عليه ضمائرهم يشكل مرتكزا رئيسا في تأسيس بلدي الولايات المتحدة الأمريكية. ولئن كان من نافلة القول إنه لا يوجد مجتمع مثالي، فمن البديهي أن ازدهار المجتمع يظل مرتبطا بشكل وثيق باحترام التنوع وحرية الأفراد في اختيار معتقداتهم الخاصة وفي تغييرها وتعليما واعتناقها حسبما شاءوا. وكلي قناعة أن الرفاه والرخاء سيعمان سريعا البلدان ال 120 الممثلة في إعلان مراكش إن هي نفذت فحوى هذا الإعلان بالكامل اليوم.
• إن أقوى دفاع ضد تهديد التطرف العنيف وعدم الاستقرار يكمن في صيانة الحرية الدينية وحرية المعتقد وترسيخهما سبيلا إلى خلق بيئة تسمح للجميع بالتفكير بحرية في اتباع ضمائرهم أو تغيير معتقداتهم إن وجدت لديهم الرغبة في القيام بذلك وكذلك التعبير عن تلك المعتقدات في الأماكن العامة والخاصة. إن تهميش الأقلية وتكميمها وعزلها عن الأغلبية من شأنه أن يقطع الصلة بينها وبين الحكومة ويجعلها تعيش حالة من الخوف من جانب أن يولد لدى الأغلبية من جانب رغبة في السيطرة والتحيز والكراهية هي في غنى عنها. إن مناخا كهذا يشكل أرضية خصبة للتطرف العنيف على جميع الأصعدة.
• ولا يخفى عليكم كوني مسلما أمريكيا، ولدي تقدير كبير للمعتقد ومدى تأثيره على الحياة اليومية للأفراد.
• لقد أبان الرئيس جو بايدن، بعد توليه المنصب بفترة وجيزة، عن التزام إدارته بحرية الدين والمعتقد كما تحرك بسرعة لشغل منصبي كسفير أمريكي متجول للحرية الدينية عبر العالم حيث لن أدخر جهدا للدفاع عن الحق في حرية الدين أو المعتقد لجميع الناس وفي كل مكان.
• ففي هذا المنصب، أبني على عمل من سبقوني ومن بينهم سياسي كاثوليكي، وحاخام يهودي وداعية ووزيرة وناشطة سوداء. وقد تم تعيين كل منا من طرف رئيس الولايات المتحدة وصادق على تعيينه الكونجرس الأمريكي. ويمثل تنوعنا الافتراض القائل بأن هذه الحقوق مهمة لجميع الناس، بغض النظر عن ديننا، أو عرقنا، أو لغتنا أو أصلنا القومي.
• إن دوري يتلخص في تقديم المشورة للرئيس ولوزير الخارجية وكبار مسؤولي الإدارة حول التحديات التي تواجهها الحرية الدينية وحرية المعتقد في جميع أنحاء العالم وسبل مواجهتها.
• وفي هذا السياق يعمل فريقي بمكتب الحرية الدينية الدولية في وزارة الخارجية الأمريكية من خلال وضع الاستراتيجيات حول سبل تعزيز هذا الحق الإنساني حول العالم.
• إن العديد من الحكومات والجلادين في جميع أنحاء العالم تستمر في قتل الأفراد وتعذيبهم وضربهم وتهديدهم ومضايقتهم وسجنهم لا لذنب غير ممارستهم لشعائرهم الدينية. فمن بين كل 5 أشخاص يعيش أربعة في بلدان تفرض قيودا عالية إلى شديدة على الحرية الدينية. بعبارة أخرى يعيش ثمانون بالمائة من البشر هكذا أوضاعا.
• ومما يؤسف له أنه لم يحرز تقدم يذكر بعد قرون من الكفاح على يد من كافحوا وصنعوا السلام باسم الدين. إن أصدق مثال هو معاناة المسلمين الويغور في شينجيانغ أو المسلمين الروهينجيا في بورما أو أشهاد يهوه في روسيا أو البهائيين في إيران أو اليهود في اليمن أو الأحمديين المسلمين في باكستان أو المسيحيين في المملكة العربية السعودية.
• لقد بات من الواجب أن نضع المسؤولية عن هذه القضايا من خلال ذكر الحكومات التي لا تريد إلا تعزيز مصالحها الجيوسياسية بأي ثمن حتى على حساب حماية حقوق الإنسان واحترام كرامته. كما بات من الواجب رفع الأصوات لضمان حقوق الجميع والضغط من أجل حمايتهم بشكل كامل وإدماجهم في مجتمعاتهم. ونحن في حاجة ماسة إلى تعزيز علاقاتنا مع المجتمع المدني بما في ذلك الشباب والنساء التأثير الجماعي للحكومات ذات الفكر المتشابه. إن تضافر الجهود سيمكننا من تعزيز الحرية الدينية في جميع أنحاء العالم مصداقا لما قاله أحد القادة الأمريكيين العظام من أن الحكم يجب أن يأتي من الشعب وبيد الشعب ولصالحه في جميع الشعوب والأديان والخلفيات ووجهات النظر.
• غير بعيد عن هذا استضافت الحكومة الموريتانية عام 2020 مؤتمرا أبهر العالم حول دور الإسلام في إفريقيا تمخضت عنه مساع نبيلة وحميدة. وقد عرض إعلان انواكشوط بالتفصيل مجموعة من الآليات المبتكرة والاستراتيجية لبناء السلام والقضاء على العنف في المنطقة. وفي هذا السياق أثمن وأشيد بتعاون موريتانيا مع المجتمع المدني، بما في ذلك العلماء الدينيون للتصدي للتطرف العنيف والإرهاب داخل حدودكم. لقد اقترحتم إنشاء مجالس للوساطة وقوافل للسلام والتعاون مع علماء الدين لتشجيع المزيد من الحوار وفهم وجهات النظر المسلمة. إن الأفكار التي أثيرت وغيرها ضرورية لتأسيس مجتمعات عادلة ومتساوية ثم الحفاظ عليها. إن هذه المجتمعات تتيح لجميع الأفراد بمن فيهم الأقليات العرقية والدينية بلوغ أقصى إمكاناتهم كمواطنين. إنني أحثكم على نشر ما حققتموه حتى الآن في سعيكم لإنجاز تلك الأهداف والبحث في سبل الإبقاء على هذه الأهداف في طليعة عملكم وسياساتكم خلال السنوات القادمة.
• أتمنى لكم النجاح في هذا المؤتمر. إنني لا أتطلع إلى رؤية منجزاتكم فحسب، بل أتطلع أيضا إلى التعاون معكم لتعزيز السلام المشترك وحرية الدين والمعتقد في جميع أنحاء العالم. إن الكفاح نبيل وفي لحظة فارقة وصعبة ويمكننا مواجهته معا.
أنواكشوط 8 فبراير 2022.